إصداراتالأخبارتقارير وتحقيقات

شتاءٌ قاسٍ على النازحين اليمنيين

تقرير | مركز الإعلام الإنساني HMC

تزداد حدّة المعاناة الإنسانية في اليمن يومًا بعد أخر، نتيجة استمرار وتيرة الصراع في البلاد منذ عشر سنوات، مما ضاعف من أعداد النازحين في مختلف المناطق اليمنية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية للمواطنين.

وتتضاعف معاناة الأسر النازحة أكثر، مع حلول فصل الشتاء وموجة البرد القارس في مخيمات النزوح بمختلف المحافظات اليمنية، نتيجة المساكن المهترئة التي يقطنها النازحين ولا تقوى على مقاومة موسم الشتاء وتقلبات الطقس.

تشير تقارير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين (جهة حكومية)، إلى أنّه وصل عدد النازحين في اليمن إلى ما يقارب 4 مليون نازح داخليًا، يتوزعون على 13 محافظة، وهي عدن ولحج الضالع، أبين، تعز، الجوف، مأرب، شبوة، حضرموت، المهرة، سقطرى، الحديدة وحجة، وينتشرون في 646 مخيمًا و927 تجمعًا سكانيًا في 105 مديريات، حتى العام 2023 وفق الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين. وتشمل احتياجاتهم المأوى والمواد غير الغذائية، والمياه والإصحاح البيئي واحتياجات الصحة والتعليم والحماية.

وأشارت الوحدة التنفيذية إلى أنّ النازحون في اليمن يواجهون تحديات متزايدة في المأوى والتعليم والصحة والغذاء والحماية. وتغطي التدخلات الإنسانية بعض احتياجات النازحين إلا أن حجم الاحتياج يفوق حجم التدخل الإنساني من قبل شركاء العمل الإنساني.

ويفتقر النازحون في اليمن إلى أبسط مقومات الحياة الأساسية التي تبقيهم على قيد الحياة مثل: المأكل والمشرب، والدواء والدفاء، والماء، والصرف الصحي المناسب، في الوقت الذي يفتقدون فيه مصادر الدخل المناسبة التي تعين على مواجهة الصعاب، خاصة في فصل الشتاء التي تظهر فيها الأمراض والحميات نتيجة اشتداد موجة البرد القارسة.

 

معاناة ومرض

فاطمة محمد (36 عام) أرملة وتعول أربعة أولاد، وهي واحدة من ملايين النازحين اليمنيين الذين يفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة في مخيمات النزوح، تشكي الألم وتصارع من أجل البقاء، مر عليها الشتاء هذا العام وكأنه جحيم، -حسب قولها-، نتيجة عدم قدرتها على الاعتناء بأولادها الذين هدّهم المرض بسبب البرد القارس، ولم تستطع اسعافهم أو شراء العلاج، لأنّ وضعها المادي صعب جدًا، كما تقول.

تضيف النازحة “فاطمة” في حديثها لـ “مركز الإعلام الإنساني”، بقولها “إنّ الظروف الصعبة التي مرّت بها هذا العام لا تطاق، نتيجة اشتداد موجة البرد القارسة، وصعوبة السكن في الخيام المهترئة التي لا تقيها مع أولادها من برد الشتاء”، وتردف بالقول: “إنّ الأمراض الشتوية -كما أسمتها- التي حلّت بأولادها ضاعف من المعاناة التي تعيشها نتيجة النزوح، وباتت تتمنى الموت للخلاص من هذه المعاناة التي مرت بها وبأولادها. على حدّ تعبيرها.

وهذا ليس حال (فاطمة محمد) فقط، وإنما حال الكثير من الأسر والعديد من الأشخاص النازحين، الذين تفاقمت معاناتهم وأوضاعهم الإنسانية في فصل الشتاء، إلى جانب زيادة الاحتياج للغذاء والدواء، مع انتشار الأمراض الناتجة عن البرد.

 

الأطفال وكبار السن الأشد تضررًا

ألقت الحرب بظلالها على الأطفال وكبار السن، وتركزت المعاناة بشكل أكبر لأولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة وابعدتهم ظروف الحرب عن الرعاية الطبية لأجسادهم الضعيفة، ممن لا يستطيعون مقاومة الشتاء، خصوصًا أنهم لا يمتلكون أبسط الإمكانات لمواجهة مواسم الشتاء، نتيجة استمرار فترة النزوح.

في مأرب مثلًا: يعيش حوالي 68,645 أسرة نازحة في 208 مخيما منتشرة في المحافظة، أغلبها في مأوى متهالك لا يوفر الحماية الأساسية من برودة الشتاء القاسية. بالإضافة إلى ذلك، تواجه عشرات الآلاف من الأسر الأخرى التي تعيش خارج المخيمات أوضاعا أشد قسوة. هذه الأسر تضطر للعيش في مساكن مزدحمة، أو على أسطح المباني، أو في أزقة الشوارع، دون أي وسيلة للتدفئة أو ضمان للعيش الكريم. وفق الوحدة التنفيذية للنازحين في المحافظة.

وقالت الوحدة التنفيذية في نداء استغاثة “إنّ هذه الأسر تحتاج إلى توفير مستلزمات الشتاء الأساسية مثل الأغطية، الحقائب وملابس الشتوية، الدفايات، صيانة وتحسين المأوى المتضرر لضمان توفير الحماية من البرد، وتقديم مساعدات غذائية عاجلة ومياه صالحة للشرب لتحسين ظروف الحياة اليومية، وكذلك تعزيز الخدمات الصحية لمواجهة أمراض الشتاء، مع التركيز على الفئات الأكثر ضعفا مثل الأطفال وكبار السن.

تقول فيروز الغزي مسؤولة المرأة والطفل في منتدى الإغاثة والبناء، “إنّ النساء والأطفال نالوا النصيب الأكبر التي خلفتها الحرب في اليمن، بمختلف جوانب ومناحي الحياة، وعلى كل الأصعدة”.

وأضافت “الغزي” لـ “مركز الإعلام الإنساني”، “أنّ فصل الشتاء على وجه الخصوص، من بقية فصول السنة، تزداد فيه معاناة النساء والأطفال وتتضاعف أكثر، لما يرافقه من برد قاسٍ يصعب على الأجساد البشرية تحمله، خاصة في مساكن النازحين من الخيام المهترئة، التي لا تقيهم البرد، ولا تحفظ لهم الحق في العيش بكرامة”.

 

استمرار الصراع فاقم المعاناة 

وتعزّي مسؤولة المرأة والطفل في منتدى الإغاثة والبناء أسباب المعاناة، إلى استمرار وتيرة الصراع في البلاد، وكذا نقص التمويل في البرامج الإغاثية والإنسانية، التي قد تحد من هذه المشكلات المتفاقمة في طول البلاد وعرضها” على حد قولها.

من جانبه الناشط الحقوقي صلاح سعيد وهو يعمل في المجال الإغاثي لدى منظمات إنسانية، يحمّل أطراف الصراع في اليمن وزر ما آلت إليه أوضاع النازحين اليمنيين، ويرثي الوضع الذي يمرون به في مختلف المخيمات المخصصة للنزوح، خاصة في فصل الشتاء، الذي تزداد فيه المعاناة وتنتشر فيه الأمراض” على حدّ قوله.

ويتابع الناشط “صلاح” حديثه لـ “مركز الإعلام الإنساني” بالقول: “إنّ فصل الشتاء وكل أيام السنة تمر على النازحين ثقيلة وصعبة جدًا، وما يعانوه في المخيمات لا يمكن أن نتخيله، وأنّ ما يتعرض له النازحين من نقص في المأوى الملائم لفصل الشتاء الذي يعرضهم لخطر البرد والأمطار يمثّل تحديًا حقيقيّا أمام النازحين وكل العاملين في المجال الإنساني”.

 

الاستجابة الإنسانية

خلال سنوات الحرب الماضية، ومع تضاعف المعاناة التي يعيشها النازحين، عملت بعض المنظمات الدولية والمحلية العامل في المجال الإنساني على تقديم بعض الحلول التي من شأنها المساهمة في التخفيف من كاهلهم، وسد جزء من فجوة الاحتياج التي يحتاجونها في مجالات الإيواء والمواد غير الغذائية.

منتدى الإغاثة والبناء CRB واحد من تلك المنظمات التي عملت على تنفيذ مشاريع عدّة في المأوى والمواد غير الغذائية، في عدد من محافظات اليمن، في العديد من المشاريع التي تسهم في تلبية جزء من احتياجات النازحين في فصل الشتاء.

يقول رئيس منتدى الإغاثة والبناء الدكتور كمال القدمي، “إنّ اسهامات المنتدى في التخفيف من كاهل الأسر الضعيفة والمعدمة، شكّلت فارقًا مهمًا في حياة المستفيدين من المجتمعات التي تم تنفيذ المشاريع الشتوية فيها، ولامست احتياجاتهم”.

وأضاف “القدمي” لـ “مركز الإعلام الإنساني”، “إنّ مشكلات النازحين في اليمن تزداد يومًا بعد آخر، وزاد الصراع من حدتها، ويجب أن تتظافر الجهود المجتمعية مع المنظمات الدولية والمحلية من أجل تجاوز تقديم حلول لهذه المشكلات والمساهمة في تلبية الاحتياجات للمجتمعات المتضررة”.

بحسب التقرير السنوي الأخير الذي أصدره منتدى الإغاثة والبناء ونشر على موقعه في الإنترنت، فإنّ المنتدى ساهم بمجال الإيواء والمواد غير الغذائية بالوصول لما يزيد عن 19481 شخص في عدد من المحافظات اليمنية مما ساهم في تعزيز الاستقرار وتوفير بيئة آمنة للمستفيدين.

إدارة الإعلام

تم النشر عبر إدارة الإعلام بالمركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى