إصداراتالأخبارتقارير وتحقيقات

غلاء الأسعار يفاقم المعاناة الإنسانية في اليمن

تقرير | مركز الإعلام الإنساني HMC

صعوباتٌ عديدة، ومآسٍ كثيرة، تأتي تباعًا، لتلقي بثقلها على كاهل اليمنيين بمختلف فئاتهم، فتزيد من معاناتهم وتفاقم من أزماتهم اليومية. إذ يعيش اليمنيون في ظل أوضاع معيشية صعبة، نتيجة للارتفاع المتسارع في أسعار السلع الأساسية والخدمات الضرورية، حيث يهدد ارتفاع الأسعار بتوسيع رقعة الفقر والجوع في البلد.

ووسط هذه الأوضاع المأساوية التي تعيشها الأسر اليمنية، في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار، تصعب على معظم العائلات توفير الحد الأدنى من متطلباتها الضرورية، مع دخول الحرب عامها العاشر، واستمرار موجات النزوح في البلاد.

وتراكمت الأزمات المستمرة في البلد الذي أنهكته الحرب وزادت من معاناته، ووصل الحال في بعض الأسر إلى الإصابة بسوء التغذية نتيجة عدم قدرتهم على تأمين احتياجاتهم الأساسية من متطلبات الحياة. حيث يعاني حوالي 2.7 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، ومنهم أكثر من 590 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم – الذي يهدد الحياة ما لم يعالج على وجه السرعة”. وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).

جائحة الغلاء
يقول محمد المحسن وهو أحد المواطنين الذين يعانوا مرارة العيش وسوء الحال، “إنّ الحال أصبح لا يطاق، نتيجة ارتفاع أسعار السلع الغذائية وتدهور الأوضاع المعيشية، وأصبحت حياتنا جحيم، ومعيشتنا أسوأ من العذاب، نتجرع أنا وأسرتي الويلات كل يوم”.

ووصف “المحسن” في حديثه لـ “مركز الإعلام الإنساني”، ارتفاع الأسعار بهذا الشكل، بـ “الجائحة”، التي ألقت بضلالها على كافة المواطنين. وتابع: “لم نعد بمقدورنا أن نصمد أمام هذا الارتفاع الجنوني لأسعار السلع الضرورية، ولم يعد بمقدورنا شراء أيًا من هذه المتطلبات التي تحتاجها أسرته، خاصةً مع استمرار الحرب، وتوقف المساعدات الإنسانية من بعض المنظمات”.

من جانبه، المواطن عبدالعليم المهيوب، يشكو حال أسرته بحزن ووجع، وما تعانيه من صعوبات أبقتهم عاجزين عن توفير أدنى المتطلبات التي تبقيهم على قيد الحياة، “أسرتنا مكونة من ثمانية أفراد، وغلاء الأسعار قصم ظهورنا” كما يقول. وأردف بالقول: “الحرب مستمرة والنزوح متواصل، وزادت الأسعار كملت ما تبقى” في إشارة إلى تعاظم المشكلات التي ألمت باليمنيين مع استمرار الحرب، وتفاقم المعاناة لدى السكان.

وقال “المهيوب” لـ “مركز الإعلام الإنساني”، “إنّ غلاء الأسعار شكّل كابوسًا يؤرق كل الأسر اليمنية، وأصبح التسوق لشراء المتطلبات الأساسية حلم نعتبره بعيد المنال، بعد أن ساء الحال. فلم يعد بمقدورنا شراء الكيس الدقيق بعد أن أصبح سعره يقترب من الـ 50 ألف ريال، إلا بشق الأنفس، معتمدين في تسيير أمورنا على المساعدات من المنظمات الإنسانية والخيرية”.

ارتفاع مؤشر الفقر
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أنّ 80% من سكان اليمن البالغ عددهم 32 مليونًا، بحاجة إلى المساعدات، في حين تعاني المنظمات الإغاثية من نقصٍ في تمويل عملياتها الإنسانية، ما يؤثر سلبًا على حياة الكثير من الفقراء، خاصةً مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتدهور الأوضاع المعيشية.

وخلال الأيام الماضية تراجع الريال اليمني إلى أدنى مستوى في تاريخه مقابل العملات الأجنبية، حيث وصل سعر الدولار في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا إلى 2000 ريالًا، ما أدى إلى ارتفاع حاد في الأسعار، وسط تدني مستوى دخل الأسر.

وحذّرت منظمات الأمم المتحدة من مستويات الحرمان الشديد من الغذاء، نتيجة انعدام الأمن الغذائي وارتفاع مؤشر الفقر في البلاد، مع تقليص المساعدات الإنسانية التي تعتبر ملاذًا لملايين الأسر اليمنية، وسبيلًا لها للتخفيف من معاناتهم.

وأفادت شبكة الإنذار المبكر من المجاعة، أنّ ملايين اليمنيين سيعانون من عجز في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل؛ حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

وذكرت “الشبكة” في تقرير، أنّ أسعار المواد الغذائية في معظم مناطق اليمن فوق المتوسطة والدخل غير الكافي، بما في ذلك مدفوعات الرواتب الحكومية غير المنتظمة، وهذه تفرض ضغوطًا على القدرة الشرائية للأسر؛ مما يؤدي إلى نتائج أزمة واسعة النطاق في (المرحلة 3) من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.

النازحون أكثر تضررًا
وقال برنامج الأغذية العالمي، في تقرير حول مستجدات الوضع الإنساني في اليمن، “إن مستويات الحرمان الشديد من الغذاء بلغت 38%، وتجاوزت أغلب المحافظات اليمنية عتبة “الارتفاع الشديد” في استهلاك الغذاء الضعيف (≥20%).

وأوضح “البرنامج” في تقريره، أنّ النازحين هم الأكثر تضرراً، حيث واجه 70% من أسر النازحين صعوبة في الوصول إلى الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية، وزاد الحرمان الشديد من الغذاء إلى 42%. وأظهر النازحون في المخيمات انتشارًا أعلى لسوء استهلاك الغذاء (49%) مقارنة بالنازحين الذين يعيشون في المجتمعات المضيفة (39%).

وذكر تقرير مستجدات الوضع الإنساني في اليمن، “أنّ الريال اليمني في مناطق الحكومة اليمنية فقد 26% من قيمته خلال عام 2024م، و71% من قيمته خلال السنوات الخمس الماضية؛ مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الوقود وزيادة تكلفة الحد الأدنى لسلة الغذاء بنسبة 21%”.

تقليص المساعدات الإنسانية
الصحفية أمة الغفور السريحي، وهي مهتمة بالشؤون الإنسانية، قالت: “إنّ تقليص المساعدات الإنسانية كان له تأثير سلبي كبير على المواطنين في اليمن. مشيرةً إلى أنّ المعونات التي كانت تساعد الأسر أصبحت قليلة للغاية، مما جعل الناس في المخيمات غير قادرين على تأمين احتياجاتهم الأساسية”.

وأضافت “السريحي”، في حديثها لـ “مركز الإعلام الإنساني”، أنّ هذا التقليص في المعونات أدّى إلى تفاقم الوضع الإنساني في كافة المجالات، سواء صحيًا أو نفسيًا أو تعليميًا، والناس يموتون في المخيمات في ظل غياب المنظمات الإنسانية وغياب التحرك الفعلي من الجهات ذات العلاقة”.

وعن وضع المواطنين اليمنيين في ظل غلاء الأسعار، مع استمرار الحرب في البلاد، قالت الصحفية أمة الغفور السريحي، “إنّ الوضع الاقتصادي صعب وحرج لكثير من العائلات في اليمن، مع تدهور العملة”. وأردفت بالقول: “عدم استقرار العملة المحلية أدى إلى انعدام الغذاء”، ولا أبالغ لو قلت إنّ الوضع كارثي خاصة في مخيمات النزوح، الناس تموت جوعا تموت بشكل بطيء” على حدّ تعبيرها.

ويواجه اليمنيين تحديات عديدة تتطلب استجابات سريعة وشاملة من قبل المنظمات الإنسانية الفاعلة في البلاد؛ للتخفيف عن كاهل المواطنين وإعادة الاستقرار للنازحين، في ظل ارتفاع أسعار السلع، وتدهور الوضع المعيشي، نع استمرار الحرب في البلاد.

إدارة الإعلام

تم النشر عبر إدارة الإعلام بالمركز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى